مرصد الشفافية يتوجه بعريضة لمحمد عبو بخصوص المسؤولية المدنية والجزائية لمراقبي حسابات المؤسسات العمومية

وجه مرصد الشفافية والحوكمة الرشيدة يوم الاثنين 18 ماي 2020 عريضة الى وزير الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد  محمد عبو ورئيس الحكومة الياس الفخفاخ  طالبا منهما فتح تحقيق في الفساد المتمثل في عدم اثارة المسؤولية المدنية والجزائية لمراقبي حسابات المؤسسات العمومية وذات المساهمات العمومية المنهوبة وقبضهم لاجور زائدة عن اجرتهم والمصادقة على على حساباتها المشبوهة دون تحفظ.

فرغم علم كل هياكل الرقابة العمومية والمتابعة بتلك التجاوزات الخطيرة الا انها لم تحرك ساكنا. فلم نسمع يوما ان المكلف العام بنزاعات الدولة تم تكليفه من قبل وزير المالية او رئيس الحكومة برفع قضية ضد مراقب حسابات مؤسسة عمومية من اجل قبض اجور زائدة ممنوع عليه قبضها. كما ان ممثلي الدولة داخل مجالس ادارة تلك المؤسسات يتحملون مسؤولية كاملة بخصوص تلك التجاوزات الخطيرة. ولم نسمع او نقرا يوما ان دائرة المحاسبات اشارت الى ذلك رغم انها قامت بمراقبة الديوان الوطني للبريد ومؤسسات اخرى قد تكون منحت مراقبي حسابات اجورا زائدة كما اتضح ذلك من خلال الاجوبة الموجهة لمجلس نواب الشعب بخصوص المؤسسات التي توجد تحت اشراف وزارة المالية ووزارة النقل ووزارة الثقافة والتي منحت مراقبي حساباتها اجورا زائدة في خرق للقانون. اما وزير تكنولوجيات الاتصال السابق، فقد رفض بتعلات سخيفة وواهية وغير قانونية مد احد اعضاء مجلس نواب الشعب بمعلومات بخصوص الاجور الزائدة التي قبضها مراقب حسابات شركة اتصالات تونس قبل 2011. فما على الوزير المكلف بمكافحة الفساد الا ان يتحرك بسرعة من اجل فتح هذا الملف الخطير خاصة اذا علمنا ان تلك التجاوزات الخطيرة لا زالت متواصلة.

 

هذا وقد جاء نص العريضة كالتالي :

“طبقا لمقتضيات الفصل 13 من القانون عدد 9 لسنة 1989 المتعلق بالمساهمات والمنشآت العمومية، تخضع حسابات المؤسسات العمومية التي تكتسي صبغة إدارية والشركات التي تمتلك الدولة رأسمالها كليا إلى مراقبة يجريها عضو من هيئة الخبراء المحاسبين عوض القيام بذلك من قبل دائرة المحاسبات اذا ما رغبنا في امتصاص بطالة حاملي الشهادات العليا في المحاسبة. هذا النص أقصى أعضاء مجمع المحاسبين الذي أحدث بمقتضى القانون عدد 16 لسنة 2002 لأسباب تدعو للاستغراب. طبقا لاحكام الأمر عدد 529 لسنة 1987 المتعلق بضبط طرق وشروط مراجعة حسابات المؤسسات العمومية ذات الصبغة الصناعية والتجارية والشركات التي تملك الدولة كامل رأسمالها، يسهر مراقبو الحسابات بصفة مستمرة على وجود نظام آمن للمراقبة الداخلية ويقومون سنويا بإجراء التقصيات اللازمة خاصة لتقييم الإجراءات الإدارية والمالية والمحاسبية المعمول بها بالمؤسسة أو الشركة. كما تندرج إجراءات إعداد الميزانيات التقديرية للتصرف والاستثمار وكذلك الإجراءات المتعلقة بإجراء الصفقات وجوبا ضمن العمليات الخاضعة للمراقبة. يجب على مراقبي الحسابات التأكد من صحة و صدق الموازنات وحسابات التصرف والنتائج والوثائق المصاحبة لها.

 

كما يجرون مراقبتهم بصفة مستمرة ودقيقة للحسابات ويراجعون خصوصا الدفاتر والمستندات ووثائق المحاسبة، وكذلك عمليات المبادلة المنجزة خلال السنة المالية والخزانة والأوراق التجارية وعمليات الإحصاء وكذلك عمليات المبادلة والأوراق المالية. ويتأكد مراجعو الحسابات من صحة البيانات المقدمة من طرف مجلس الإدارة ويقومون بإتمامها إذا لزم الأمر. وبعد اجراء التقصيات اللازمة، يجب على مراقبي الحسابات التصريح صراحة وبصفة مدعمة سواء بالمصادقة على الحسابات أو بالمصادقة المضمنة باحتراز أو برفض المصادقة. كما يصرحون علاوة على ذلك ضمن مذكرة ملحقة لتقريرهم حول الكشوف المالية إذا كانت هذه الكشوف تعطي صورة صادقة لنتائج العمليات الخاصة بالسنة المنقضية وكذلك للوضعية المالية ولممتلكات المؤسسة أو الشركة في نهاية السنة المعنية. أيضا، يجب على مراقبي الحسابات أن يحيلوا ويقدموا لمجلس إدارة المؤسسة أو الشركة تقريرهم المتعلق بالكشوف المالية وكذلك تقريرا خاصا حول الاتفاقيات المبرمة بين المؤسسة أو الشركة وبين أحد أعضاء مجلس إدارتها.

 

يحجر على مراقبي حسابات المؤسسات العمومية القيام بمهمات خاصة، أي اضافية خارج مهامهم، تتعلق بالمراقبة والمساعدة المحاسبية والاستشارة وذلك طيلة فترة قيامهم بمهمة مراقبة الحسابات وبالتالي لا يمكنهم بأي حال من الأحوال قبض أجور أخرى زائدة عن أجرة مراقبة الحسابات المضبوطة حسب القرار المشترك بين وزير المالية و وزير التجارة. تبعا للعنايات والواجبات المشار إليها أعلاه، ما هي المسؤولية المدنية والجزائية لمراقبي حسابات المؤسسات العمومية التي أضر بها تسونامي الفساد الذي أفاق عليه الشعب التونسي.

 

إن المسؤولية المدنية لمراقبي حسابات المؤسسات العمومية تتمثل في جبر الاضرار التي لحقت بتلك المؤسسات إذا ثبت أنهم شهدوا بصحة حساباتها ووضعيتها المالية دون القيام بالاحترازات المشار إليها صلب الفصل 8 من الأمر عدد 529 لسنة 1987 المتعلق بضبط طرق وشروط مراجعة المؤسسات العمومية ذات الصبغة الصناعية والتجارية والشركات التي تملك الدولة كامل رأسمالها.

 

أما المسؤولية الجزائية لمراقبي حسابات المؤسسات العمومية فهي مرتبطة أساسا بالجرائم التي يرتكبها المسئولون على تلك المؤسسات. فعلى سبيل المثال، نص الفصل 99 من المجلة الجزائية على معاقبة مسئولي المؤسسات العمومية بالسجن مدة عشرين عاما وبخطية تساوي قيمة ما وقع الاستيلاء عليه، الذين يتصرفون بدون وجه في أموال عمومية. في هذا الإطار، هل إن قبض أجور زائدة بعنوان مهام استثنائية من قبل مراقبي الحسابات في خرق للفصل 13 من الأمر عدد 529 لسنة 1987 يتعلق بضبط شروط وطرق مراجعة المؤسسات العمومية ذات الصبغة الصناعية والتجارية والشركات التي تملك الدولة كامل رأسمالها يدخل تحت طائلة الفصل 99 من المجلة الجزائية ؟

 

اما المؤسسات غير المشمولة بأحكام الامر عدد 529 لسنة 1987 و التي تساهم الدولة في راسمالها، فتبقى مراقبة حساباتها محكومة بمجلة الشركات التجارية، علما ان احكام الفصل 13 وما بعده من مجلة الشركات التجارية صيغت في ظروف فاسدة لالزام المؤسسات المجهرية بتعيين مراقب حسابات خلافا لما هو معمول به بفرنسا او بامريكا اين لا يتم الزام المؤسسات غير المدرجة بالبورصة بتعيين مراقب حسابات. طبقا لاحكام الفصل 271 من مجلة الشركات التجارية، يبقى مراقب الحسابات ملزما باعلام وكيل الجمهورية بكل الجرائم التي تبلغ علمه عند مباشرته لمهامه والا يتعمد اعطاء او تاييد معلومات كاذبة عن حالة الشركة والا تعرض لعقوبة بالسجن من عام الى خمس سنوات. اما الفصل 265 من نفس المجلة فيلزمه بعدم قبض اجور زائدة عن اجرته وقد تجاوز وزراء المالية والتجارة سلطتهم ليجيزوا بقرار مشترك غير شرعي لمراقبي الحسابات قبض أجور زائدة عن اجرتهم في اطار ما يسمى بالمهام الاستثنائية في خرق صارخ لأحكام الفصل 265 من مجلة الشركات التجارية الذي يحجر على مراقب الحسابات قبض اجور زائدة عن اجرته والذي لم ينص على عقوبة جزائية ضد المخالفين مثلما هو الشان داخل البلدان المتطورة التي نخص بالذكر منها فرنسا وامريكا.

 

كما على المشرع ان يبادر فورا بحذف الاحكام الفاسدة الواردة بالفصول 13 وما بعد من مجلة الشركات التجارية والتي الزمت الشركات بتعيين مراقب حسابات باستثناء تلك المتعلقة بمراقبة حسابات المؤسسات المدرجة بالبورصة شريطة عدم الزامها بتعيين مراقبين اثنين للحسابات مثلما هو الشان الان مع تمكين الصنف الاخر من المؤسسات من امكانية تعيين مراقب حسابات بصفة اختيارية من قبل الجلسة العامة مثلما هو الشان ببريطانيا وامريكا حتى لا تتحول المؤسسة الى بقرة حلوب.

 

تبعا لما تم بيانه وبالنظر للاضرار الجسيمة التي الحقها بعض مراقبي الحسابات بالمؤسسات العمومية وذات المساهمات العمومية (وحتى الخاصة) وبالاخص اولائك الذين قبضوا اجورا زائدة عن اجرتهم في خرق للفصل 265 من مجلة الشركات التجارية والفصل 13 من الامر عدد 529 لسنة 1987 في اطار مهمات استثنائية اغلبها صورية، هل تعتزمون فتح تحقيق بهذا الخصوص واثارة المسؤولية المدنية والجزائية لمراقبي حسابات المؤسسات العمومية وذات المساهمات العمومية الذين صادقوا على حساباتها دون تحفظ والتي اتضح فيما بعد نهب موارها من قبل الفاسدين والذين قبضوا اجورا زائدة عن اجرتهم وكذلك مراجعة الاحكام الفاسدة التي تم تمريرها بالتشريع الجبائي وبمجلة الشركات التجارية وغيرها من النصوص الفاسدة وغير الدستورية والتي تشترط الانتفاع بحق بمصادقة مراقب حسابات على القوائم المالية للمؤسسات وهذه البدعة لا نجد لها مثيلا بالتشريع الاروبي”.

أنقر للاطلاع على الوثيقة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!