د.أحمد القديدي يكتب : مخططاتهم وغفلتنا؟

كتب : د.أحمد القديدي

أجد أعذارا للعرب إخوتي الذين لم يقرأوا التاريخ لا لأني أفضل منهم حاشا و الله بل لأن الله أتاح لي في المنافي أن أطالع وأتعلم. فعرفت حقائق تعمد الاستعمار و وكلاؤه أن يخفوها عنا لمدة عقود فنشأ جيل عربي يجهل أمجاده و يحتقر تاريخه و دون أن يعي يمهد لاستمرار التبعية و التذيل و اليوم يمهد الى ما يسمى التطبيع تحت شعارات الحداثة و العولمة و القيم الإنسانية و مقاومة التطرف!!الحقيقة أن بعض الغافلين و الغافلات أو من أشار اليهم رواد المصلحين المسلمين في القرن التاسع عشر بالمنسلخين عن هوستهم أو بالمنبتين لا جذور لهم و سأسوق هنا حقيقة عجيبة من التاريخ الحديث حتى تعلموا كيف يخطط حكام القوى الغربية ورثة معاهدة (سايكس بيكو) لإدخال ديار العرب و الإسلام الى بيت الطاعة بالقوة أو بالحيلة أو بطمس معالم أمجادهم فيسهل التمكن منهم و من ثرواتهم و يحولهم الإستعمار قديمه و جديده الى وكلاء لهم و كيف نغفل نحن:

«جاء في مذكرات الرئيس الأمريكي الأسبق (دوايت إيزنهاور 1954-1962) التي حررها بقلمه وعلى لسانه الصحفي (ستيفن أمبروز) ص 263 سؤال الصحفي للرئيس إيزنهاور في الصفحات الأخيرة من المذكرات :»سيدي الرئيس ماهي المخاطر التي تهدد مصالح الولايات المتحدة بعد خمسين سنة؟ (الكتاب صدر سنة 1962) فأجاب الرئيس:» الخطر الأكبر هو لو تتحد الأمة الاسلامية فتصبح قوة كما كانت و تعتمد على مخزونها الروحي و الحضاري لتنافس الغرب و تفتك منه الغلبة» وهنا سأله (أمبروز): « وكيف نجهض هذا الخطر استباقيا؟» فجاء رد (ايزنهاور):» علينا من اليوم أن نخطط لكسر الحلقتين اللتين تربطان سلسلة العالم الإسلامي ونخضعهما لرقابتنا ونحكم عليهما قبضتنا» وهنا أصر الصحفي أن يعرف من تكون هاتان الدولتان فجاءه رد (أيزنهاور):»هما العراق وأفغانستان»!

و عندما تسائل الصحفي عن سر اختيار هاتين الدولتين قال الرئيس الأمريكي إن العراق هو جغرافيا و تاريخيا الجسر الرابط بين شعوب الشرق الأوسط و متنوع الأعراق أما أفغانستان فهي الصلة الطبيعية بين القوقاز و مسلمي الصين و بقية الأمة الإسلامية» تأملوا معي يا قرائي الأفاضل كيف نفسر الأحداث التي جدت في الثمانينات و التسعينات و كيف تحققت عقيدة الخمسينات في عهد بوش الأب و بوش الإبن حين وقعت كارثة الحادي عشر من سبتمبر 2001 فدمرت أفغانستان باسم مقاومة إرهاب القاعدة ثم جاء الدور على العراق فتصاعدت حملة دبلوماسية و إعلامية عالمية ضد العراق بدعوى أن صدام حسين يملك أسلحة الدمار الشامل و يستعد لإبادة إسرائيل! مما لا شك فيه أن طالبان و صدام حسين يسرا إنجاز هذه المخططات لأنهما نظامان يعتمد الأول على أوهام حكم فقهاء الدين و يعتمد الأول على شعارات بائسة و حكم فردي متغطرس! فاعلموا أصدقائي أن الغرب وإسرائيل هي قوى تخطط الى نصف قرن قادم ونحن نتخبط في صراعاتنا من أجل المناصب في دول هشة بلا مؤسسات وبلا تخطيط.

و أتذكر في سيمنار بجامعة السربون أثرت قضية للمرة الأولى و صار حولها جدل الزملاء الدكاترة من عديد الجنسيات منهم من أيدني بالحجج التاريخية و منهم من نعتني بالمشعوذ وهذه القضية هي أن اليهود و خاصة المتطرفين الصهاينة منهم إعتمدوا رقم 7 وهو الرقم التوراتي المقدس عندهم (عدد شموع شمعدانهم) ليجعلوه محطات بناء الدولة العبرية فلنبدأ بأول سبعة اكتشفتها حين طالعت كتاب المؤرخ اليهودي البريطاني ألبرت هياوسون الصادر بلندن عام 1916 بعنوان: الميلاد الجديد للشعب القديم، والذي نقل فيه رسالة بعثت بها جمعية صهيونية فرنسية ليهود العالم عام 1787 تقول فيها الجمعية: «نحن نطالب الدولة الفرنسية بإتاحة الأرض الموعودة لنا» و نواصل رحلتنا مع الرقم 7 لنجد من الطبيعي اصدار بلفور لوعده الشهير عام 1917 وهو القرار الذي أسس بالفعل دولة اسرائيل قبل الأمم المتحدة،

ثم نصل الى عام 1907 موعد لندن لأكبر مؤتمر يهودي لرجال الأعمال و المال و الإعلام ثم عام 1927لنشهد أول مؤتمر يهودي جمع بنيويورك زعماء الحركة من أميركا وأوروبا وفيه رسمت الخطوط الأولى لجمع الأموال والتغلغل في مجالي البنوك الاعلام. وبعد عشر سنوات بدأ القضاء على حركة المقاومة التي تزعمها الشهيد الشيخ عز الدين القسام أي في 1937، و كما تعلمون تأسست دولة اسرائيل عام 1947 وانطلقت الى تاريخ 1957 موعد انشاء السلاح النووي الاسرائيلي و بناء مفاعل ديمونة ثم يأتي الموعد الاسرائيلي الحاسم الذي غير الجغرافيا وانعرج بدفة التاريخ وهو الخامس من يونيه 1967 حين استدرجت القوى الدولية المناصرة لاسرائيل الزعيم المرحوم جمال عبد الناصر الى اغلاق مضيق العقبة وجاءت الهزيمة الكبرى ثم عام 1977 شهد أكبر مفاجأة دفعت بالصراع العربي الاسرائيلي الى متاهات التنازلات حين زار محمد أنور السادات القدس وخطب في الكنيست وأحدث الزلزال المتوقع. وبعد ذلك بعشرة أعوام في 1987 أعلنت منظمة التحرير بأنها لا تمانع في الاعتراف بدولة اسرائيل وغيرت من ميثاقها وعام 2017 اعتراف ترامب بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل …في انتظار 2027! لأن العرب كتب عليهم أن ينتظروا فقط!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!