دردشة يكتبها الأستاذ بوسمة / انا لله وانا اليه راجعون

الحمد لله وبعد

انتقل الى رحمة الله الاستاذ سمير العنابي هذا اليوم الذي يقام فيه موكب اربعينية المرحوم الشاذلي القليبي الذي افتقدناه، تاركا فراغا والما في نفوسنا لم نفق منها حتى جاءنا نعي زميلنا في المحاماة.لم يكن فقيدنا محاميا واستاذا في القانون فقط بل كان خزينة علم ومعرفة وكمًا هائلا من الاخلاق.

عرفته منذ دخولي لمهنة المحاماة، وكان ايامها مشرفا على محاضرات التربص وعضوا بالهيئة الوطنية للمحاماة.

لقد وجدت فيه وقتها الانيس المرشد والمعين الذي سهل لي الاندماج في مهنة جديدة لم اعرف اسرارها بعدما قضيت عشرين سنة في السلطة من معتمد الى وال وواليا للولاة.

لم يكن من السهل عليَّ ان انتقل من السلطة الى تلك المهنة المختلفة في الاجراءات ونظرة العموم وكتبة المحاكم وحتى القضاة.

كان ايامها لي صديقا وزميلا سهلها لي ووفقت في التأقلم معها وكلما احتاجت لاستشارة كنت القاه.

لقد اشتركت معه في التحكيم لمرات في خلافات اختارنا فيها أطرافها تيسيرا لفض النزاع واختصار الآجال، وكان مختصا وخبيرا في ذلك الميدان.

تكلف بعد الثورة بالأشراف على هيئة مقاومة الفساد والحوكمة الرشيدة. وهو الذي وضع حجر الاساس لها، ولكنه لم يعمر فيها طويلا بالنظر الى ظروفه وحالته الصحية التي باتت تحتاج أكثر للراحة والتأمل.

لم يعد لمهنة للمحاماة التي كان في حالة سهو لتضاربها مع المهام الرسمية التي تفرض ذلك.

كان بعدها مواظبا على الجلوس الينا صباح ايام الاحاد في لقاء يجمع كل من الرئيس حسن الممي والسادة حمادي بوصبيع والشاذلي بن يونس ومنير بن ميلاد وعبد الرزاق الادب ورجاء فرحات وفي بعض المرات عبد السلام القلال وكاتب هذه الكلمات.

افتقدناه هذه الايام وعلمنا ان حالته الصحية لم تعد تسمح له بالخروج من اقامته وبات متفرغا لترتيب مكتبته الغنية بالكتب والمراجع المهمة في القانون وفي التاريخ والتجارب حتى جاءنا نعيه هذا الصباح.

لم أقدر ان املك نفسي من البكاء وقررت ان اكتب هذه الاسطر أنعيه فيها وأذكر بالبعض من بخصاله المتعددة التي عجزت عن عدها لكثرتها.

لم يكن محاميا واستاذا جامعيا فقط بل كان انسانا ورجل المهمات الصعبة وكثيرا ما شارك في جمعيات علمية وقانونية وادبية وثقافية، كما ساهم بما تيسر له وكله لوجه الله.

لقد ترك فراغا كبيرا لا يمكن ملؤه بسهولة ولكنها ارادة الله التي لا مرد لها وكلنا لها اليوم او غدا.

لذا فاني اتقدم لعائلته الصغيرة وكل اصدقائه واسرة المحاماة والقضاء بتعازي الحارة راجيا من الله ان ينزل علينا صبره ويسكنه فراديس جنانه.

 

       تونس في 9 جويلية 2020

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!