الأديبة والباحثة نجاة إدهان “للجرأة نيوز”: كلما كان الواقع مضطربا كما هو الآن كانت الكتابة أداة بناء

حاورتها  :مريم بن عيسى

رغم أن الأدب فن يخرجنا من الواقع الذي نعيشه الى واقع آخر يخلقه المبدع الا ان هذا لايعني بالضرورة انفصالا بين هذه الثنائية فالأديب هو ابن بيئته ونتاج الواقع الذي يحياه .في هذا المستوى تحضر ثنائية التأثير والتأثر أيهما يتغلب واقع الابداع الذي يرسمه الفنان ام واقع الحياة اليومية .

الروائية والباحثة نجاة إدهان هي تجربة ابداع أدبي تونسية لكنها تحمل خاصية أخرى وهي أنها تعكس صورة المرأة التونسية المبدعة ان كان ابداعا روائيا او قصصيا او نقدا وبحثا باعتبار أن النقد الأدبي والبحث عامة لا يخرج عن دائرة الابداع بمفهومه الواسع .

في هذا الحوار نتعرف على  نجاة إدهان وعلى تجربتها الابداعية :

كيف تقدّم نجاة إدهان نفسها إلى القرّاء؟

أوّلا يسعدني أن ألتقي القرّاء من خلال جريدة الجرأة نيوز وشكرا لكم لإتاحة هذه الفرصة.

ثانيا: نجاة إدهان مؤلّفة تونسيّة ورئيس فرع اتّحاد الكتّاب التونسيّين بقبلّي وباحثة في السّرديّات، بدأت رحلة الكتابة بالقصّة القصيرة ثمّ الرّواية فالمسرح. صدرت لها ثلاث مجموعات قصصيّة “هذا ليس لك”(2013) “للنّساء وجع آخر” (2014) “يشبهون القمر” التي نلت بها الجائزة الوطنيّة للمدرّس المبدع (2019/ 2020)، وروايتان “وطن بطعم البرتقال” و”أعداء الله.. نبوءة الزّمن مجنون”. لها مسرحيّتان “الجدود” حاصلة على المونودرام البرنزي في مهرجان الموندرام الدّولي بتونس (2019) ومسرحيّة “غصّة بالزّغاريد” حاصلة على جائزة أفضل عمل درامي في مهرجان قربة (2019). شاركت في ندوات كثيرة متنوّعة وأقوم بحلقات تنشيطيّة مع الفئات الخاصّة المحتاجة إلى إحاطة، أهتمّ بالشّأن العامّ وبكلّ ما يهمّ الإنسان في مختلف أشكال حضوره.

كيف بدأت ضيفتنا رحلة الكتابة؟    

بدأت الكتابة في المرحلة الثّانويّة ثمّ انقطعت لأعود إليها منذ بدأت النّشر. منذ صغري، أحببت الكتاب وكنت أراه عالما عجيبا ممتعا حتّى أدمنت المطالعة واستمرّت الرّحلة بتنوّع الأجناس التي أكتبها والتي أحاول من خلالها التّعبير عن الإنسان.

كيف ترى نجاة إدهان دور الكتابة في هذه المرحلة التي نحياها؟

الكتابة فعل واع، أدركت قيمته كلّ الثّقافات وإذا ما كان الواقع مضطربا ـ كما نحيا الآن ـ صارت الكتابة أداة بناء ضروريّة، وهو ما يفترض وعيا جمعيّا لأنّ الكتابة لا تكتمل دون قارئ يتملّك ـ بدوره ـ بعض وسائط الفهم بالقراءة. وبعض الخلل الذي نحياه يمكن أن نردّه إلى تراجع قيمة الكتابة ومحاولة الإقناع بأنّ لنا من الوسائل ما هو أقدر منه على البناء.

كيف يمكن أن يساهم المبدع في استعادة الإيمان بالفعل والبناء؟

يفترض الإبداع جملة من الملكات لعلّ أهمّها عمق الفكرة والقدرة على إيجاد سبيل تبليغها، وهو ما يبرّر انصرافي إلى المسرح والفقرات الإذاعيّة والحلقات الحواريّة. فحسب رأيي لا تكتمل صورة المبدع دون وجود مشروع فكريّ يستهدف الوطن والإنسان.

أحرص على فهم ما يحدث وأحاول فهم المواقف وتفكيك ما تُضمره من قناعات أو موروث وجميعه يساعدني على كتابة نصّ يصوّر واقع البلد لا رغبة في محاكاته بل حرصا على التّأريخ وإن من باب الأدب.

وهل يمكن أن يصبح الأدب أداة تأريخ؟

طبعا، الأدب ليس بعيدا عن الواقع، بل هو وليده ووسيلة فهمه في الآن ذاته، ينقل التحوّلات ويرصد البعد الإنسانيّ بكلّ تفاصيله، لذلك يمكننا أن نتعرّف إلى تجارب الشّعوب من خلاله، ولعلّنا لا نجانب الصّواب إذا قلنا إنّنا يمكن أن نقف على تفاصيل إنسانيّة لا نجدها في كتب التّاريخ خاصّة ما يُظهر البنية الفكريّة أو طبيعة العلاقات وما يكمن وراء الخلافات وغيرها.. الأدب يكتب الإنسان وهذا كاف ليجعلنا نتعرّف إلى غيرنا أو حتّى إلى أنفسنا.

هذا يعني أنّ ضيفتنا تؤمن بأنّ للمثقّف دورا في تخطّي هذه المرحلة؟

طبعا، للمثقّف دور ثابت تاريخيّا، حتّى حين تتراجع الشّعوب أو تهيمن السّلطة وتحاول جاهدة استبعاد المثقّف. المثقّف مناضل يدرك مسؤوليّته ويعي ما يمكن أن يحياه، لذلك المثقّف الحقيقيّ لا تتلوّن مواقفه ولا تتغيّر بتغيّر أصحاب السّلطة. وكلّ ما أرجوه أن يدرك أهل البلد حاجتهم إلى المثقّف حتّى لا تزداد مظاهر التّراجع والتفكّك.

ختاما، نشاركك الرّجاء كما نرجو لك توفيقا في دورك الذي تعتبرينه واجبا تجاه البلد والإنسان.

شكرا على هذا الحوار وأرجو أن تكون جهودنا فاعلة فنتجاوز المحن الكثيرة. أملي ثابت في هذا الوطن لأنّني مازلت أؤمن به كما أؤمن بأنّنا قريبا سنبني بلدا قويّا يستعيد مجده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!