بكل جرأة / يكتبها محمد عبد المؤمن : هل أصيب الغنوشي “بجنون السلطة”…

عندما تولى عبد الناصر السلطة في مصر لم يكن منفردا بل كان ضمن فريق كامل وكان الاصل ان الجنرال محمد نجيب هو قائد ما سمي بثورة الضباط الاحرار.

طبعا نقول ما سمي لان ما حصل كان انقلابا فالثورة لها مفهوم آخر ولا يمكن أن يقوم بها العسكر.

لكن بعد فترة وجيزة أزاح عبد الناصر محمد نجيب ثم كل خصومه وبات الحاكم المطلق لمصر .

سياسة عبد الناصر هذه تدفع ثمنها مصر الى اليوم فبعد حولي 7 عقود مازال العسكر يمسكون بالسلطة بل صاروا يتحكمون في الدولة والاقتصاد.

الكثيرون تحدثوا عن عبد الناصر وألفوا حول الكتب الكثيرة فمنهم من يرى فيه زعيما قوميا نهض بالعالم العربي ومنهم من يراه ديكتاتورا  بجبة الدفاع عن فلسطين والدفاع عن “الغلابة” في حين أن الاوضاع الاجتماعية في فترته لم تتحسن .

البعض كذلك يتحدث عن مرض السلطة الذي يصيب الزعماء ومنهم عبد الناصر وبعده القذافي فحافظ الاسد وغيرهم.

مرض السلطة هذا أصاب الزعيم الحبيب بورقيبة أيضا فنصب رئيسا مدى الحياة وبعده انتقل الى بن علي الذي رفض التخلي عن السلطة والحكم الا هاربا مطرودا.

حتى في الانظمة الديمقراطية يصيب مرض السلطة من يحكمون وبمجرد خروجهم من الحكم يصابون بأزمات نفسية حادة ويتحولون الى تعساء يتحسرون على الماضي.

في تونس اليوم لم يعد من الممكن التحدث عن ديكتاتور لكن هذا لا يعني ان مرض السلطة والحكم لم يعد موجودا فهو باق ما دامت البشرية باقية.

من بين الشخصيات التي انقلبت حياتها كليا بعد الثورة رئيس النهضة راشد الغنوشي فبعد ان كان منفيا عاد الى أرض الوطن فاستقبل بطلع البدر علينا وفي حقه قال احد شيوخ الزيتونة رضي الله عنه وصار محور الحل والربط في البلاد يخشاه خصومه وحلفاؤه.

الغنوشي خاصة في السنوات الاخيرة صار محرك المشهد السياسي في تونس فمن يرضى عنه فهو مرضي عنه سياسيا ومن يغضب عنه فيا ويله.

مثال ذلك نبيل القروي فالرجل كان عند الكثيرين فاسد ومافيا ومطبع لكن بما ان الغنوشي رضي عنه لسبب الى الآن لا نعلمه صار شريكا وصار السياسيون يؤكدون كونهم لم يصفوه ولا مرة بالفساد بل يعضهم يقول هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين .

مع العلم ان الفيسبوك ويوتيوب فيه البرهان وأكثر من البرهان.

هذه الوضعية التي صار عليها الغنوشي جعلته محاطا بالمتملقين والمؤلفة قلوبهم الباحثين عن العطاء او الخائفين من العقاب أي المحاسبة.

فكل من لديه “دوسي” يأمل ان ينقذه الغنوشي وكل من يريد منصبا عليه بالغنوشي وكل من يريد ان يقوم “سعده” عليه بالغنوشي حتى وصلنا الى وضعية “ان السياسة كبولها سعدها” .

في الانظمة الديمقراطية وتونس تعمل لتكون منها لا يحدد الاشخاص مصير البلاد بل المؤسسات أي هياكل الدولة وليس هناك شخص ينقذ او يعطي بل العمل هو الذي يحدد لكن بما ان ديمقراطيتنا مازالت فتية فالأمر طبيعي ان نجد الكثير من الغنوشيين ومريدي الغنوشي ومع تكاثر المريدين فان الاصابة بمرض السلطة وجنون السلطة حتمي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!