دردشة يكتبها الأستاذ الطاهر بوسمة/ هل سمعتم بحزب الشخص الواحد!

كتب الطاهر بوسمة:

وللتذكير اقول بانه تم اجازة تأسيس شركات الشخص الواحد في تونس منذ مدة وبالقانون الذي دخل حيز التنفيذ منذ سنين، وذلك اسوة بما هو معمول به في أغلب بلدان الدنيا، وغاية ذلك هو التفريق بين الاموال الخاصة للشخص الطبيعي ومساهماته في الذوات المعنوية، كان ذلك حماية للفرد من مخاطر المضاربة.

فهمنا ذلك في الشركات ولكننا لم نفهم سبب وجود مثل ذلك الاستثناء في الأحزاب السياسية التي بات أكثرها يتركب من مؤسس وحيد، ولم تعقد أكثرها مؤتمرا تأسيسا.

لقد كانت ظاهرة غريبة عندنا أدت الى وجود أكثر من 200 حزب سياسي حسب الإحصائيات التي كثيرا ما تنشرها وسائل الاعلام في المناسبات، ولكنها تغيب في الانتخابات سواء منها التشريعية أم للبلديات.

وللعلم فان تكوين الاحزاب عندنا بات بعد الثورة ينظمها المرسوم عدد 87المؤرخ في24 سبتمبر 2011 والذي فتح الباب على مصراعيه، ولم يعد يحتاج لتأسيسها لرخصة أو لتأشيرة. وبات يكتفى فيها بتصريح على الشرف بعد تكوين ملف مطابق لما جاء به الرسوم المذكور.

يتم ذلك كله طبق الفصل التاسع من المرسوم المذكور بعد معاينة تتم بواسطة عدل منفذ يقوم بالاشهاد على صحتها ويتولى تحويلها في ظرف مغلق بالبريد المضمون الوصول مع اشعار بالبلوغ لرئاسة الحكومة. هكذا بات تأسيس الأحزاب السياسة عندنا والتي لا تتطلب اجراء الا إيداع ملفتها لدي رئاسة الحكومة التي عليها بالتأكد من سلامة الاجراءات في اجال حددها الفصل العاشر بستين يوما.

بسلامة تلك الوثائق واهلية المؤسس أو المؤسسيين يقوم الممثل القانوني لها بإشهار موجز بالرائد الرسمي للجمهورية ليكتسب ذلك الحزب الشخصية القانونية ويمكنه ان يعمل في نطاق القانون ونظامه الأساسي.

لذلك رأينا الاحزاب كيف تتكاثر وتتوالد الى ان تجاوز عددها لأكثر من 200. وما زالت تزيد على الورق المودع برئاسة الحكومة.

لقد كان ذلك المرسوم تقدميا، أنهى عقبة التأشيرة التي كان يتولاها وزير الداخلية، والذي ما كان ليعطيها الا لبعض من أحزاب الموالاة في زمن حكم الحزب الواحد الذي قامت عليه الثورة.

كان في تقديري ذلك المرسوم متعجلا ومختصرا ولم يرتب على الاخلال بركن من اركانه المحددة بالفصل 28 لأي جزاء، الا توجيه تنبيه لتدارك ما نقص في ظرف 30 يوما، وبعدها إذا تقاعس المؤسس فانه يمكن لرئاسة الحكومة الالتجاء للقضاء العدلي الذي بات وحده مؤهلا للحل الحزب وتصفية موجوداته.

لم يمنح ذلك المرسوم الصفة التقديرية التي يمكن أن تقوم بها رئاسة الحكومة ومنها التشطيب على الأحزاب الوهمية، او التي لم تعقد مؤتمرا تاسيسيا في أجال معلومة، وتنتخب هيئات تسييرية بطريقة ديموقراطية.

كان يمكن لرئاسة الحكومة في تقديري مراجعة قائمات الاحزاب مرة كل عام وتعتبر من يتخلف منها عن تطبيق ما جاء بالمرسوم وبقوانينها التاسيسية ميتة ولا تحتاج لاي إجراء قضائي. ذلك تطهيرا للحياة السياسية.

ولكن لتلك الاحزاب المعنية يبقى حق الطعن امام المحكمة الإدارية إن أرادت.

لا اتذكر ان رئاسة الحكومة تعنت تصفية قائمة الاحزاب او مراجعتها الا مرة واحدة مع حرب التحرير الذي قام بطعن امام المحكمة الادارية وكسب القضية لان ذلك القرار حسب تقديري كان غير مؤسس على حقيقة.

لذا فقد رأيت ان الفت نظر رئاسة الحكومة المؤتمنة على السير الطبيعي كي تقوم بدورها وتطهير الساحة السياسية من تلك الاحزاب الصورية، وقد باتت تؤثر على ديموقراطيتنا الفتية.

كما أنه ولسلامة تطبيق القانون فقد رايت رئاسة الحكومة تتخلى عن سلطتها بالاشراف وبالمراقبة مؤاخذة بعض الأحزاب التي تتعمد مخالفة القانون وذلك بالدعوة الى العنف والكراهية والتعصب والتمييز على اسس دينية أو فئوية، وهذا كله مخالف للفصل الرابع من المرسوم المنظم للأحزاب ويوجب حلها لانه يسبب تسميم الحياة السياسية.

                                                                   تونس في8/6/2020

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!